مقالات فلسفية شعبة اداب وفلسفة 2018 الجزء الاول
مقالات فلسفية للسنة الثالثة ثانوي شعبة اداب وفلسفة
مقالات فلسفية للسنة ثالثة ثانوي شعبة آداب وفلسفة
لتسهيل الحفظ و الفهم حيث يوجد 25 موضوعمن الدروس التالية :
1-الاحساس و الادراك
2-اللغة و الفكر 3-الشعور و اللاشعور 4-الذاكرة 5-الذاكرة و الخيال 6- التخيل 7-العادة و الارادة 8- الاخلاق 9-الاخلاق والاقتصاد 10- الحقيقة الفلسفية والحقيقة العلمية 11-الرياضيات والمطلقية 12-العلوم التجريبية و العلوم البيولوجية 13-العلوم الانسانية والعلوم المعيارية
درس الإحساس والإدراك
السؤال :هل يمكن الفصل بين الإحساس و الإدراك ؟
الإحساس ظاهرة نفسية متولدة عن تأثر إحدى الحواس بمؤثر ما ،وبذلك فهو أداة اتصال بالعالم الخارجي ووسيلة من وسائل
المعرفة عند الإنسان بينما الإدراك هو عملية عقلية معقدة نتعرف بها على العالم الخارجي بواسطة الحواس ومن خلال
تعريفهما تظهر العلاقة القائمة بينهما و التقارب الكبير الذي يجمعهما مما أثار إشكالا لدى الفلاسفة وخاصة علماء النفس حول
إمكانية الفصل بينهما أو عدمه ،بمعنى إن شعور الشخص بالمؤثر الخارجي و الرد على هذا المؤثر بصورة موافقة هل نعتبر
إحساس أم إدراك أم أنهما مها يشكلان ظاهرة واحدة ؟
إمكان الفصل بين الإحساس و الإدراك .
يؤكد علم النفس التقليدي على ضرورة الفصل بين الإحساس و الإدراك و يعتبر الإدراك ظاهرة مستقلة عن الإحساس انطلاقا
من أن الإحساس ظاهرة مرتبطة بالجسم فهو حادثة فيزيولوجية ومعرفة بسيطة ،أما الإدراك فهو مرتبط بالعقل .أي عملية
معقدة تستند إلى عوامل كالتذكر و التخيل و الذكاء و موجه إلى موضوع معين .فيكون الإحساس معرفة أولية لم يبلغ بعد
درجة المعرفة بينما الإدراك معرفة تتم في إطار الزمان و المكان .حيث يقول (ديكارت) " :أنا أدرك بمحض ما في ذهني من
قوة الحكم ما كنت أحسب أني أراه بعيني " .ويقول (مين دوبيران) " :Maine de Biranالإدراك يزيد على الإحساس بأن
آلة الحس فيه تكون أشد فعلا و النفس أكثر انتباها."....
و كما يختلف الإدراك عن الإحساس فكذلك يختلف عن العاطفة لأن الإدراك في نظرهم حالة عقلية و العاطفة حالة وجدانية
انفعالية .
لكن إمكانية الفصل بيم الإحساس و الإدراك بشكل مطلق أمر غير ممكن باعتبار أن الإدراك يعتمد على الحواس .حيث قال
(التهانوي) ":الإحساس قسم من الإدراك " وقال (الجرجاني) " :الإحساس إدراك الشيء بإحدى الحواس " .
استحالة الفصل بين الإحساس و الإدراك .
يؤكد علم النفس الحديث على عدم إمكانية الفصل بين الإحساس و الإدراك كما أن الفلسفة الحديثة تنظر إلى الإدراك على أنه
شعور بالإحساس أو جملة من الاحساسات التي تنقلها إليه حواسه ،فلا يصبح عندها الإحساس و الإدراك ظاهرتين مختلفتين و
إنما هما وجهان لظاهرة واحدة ،ومن الفلاسفة الذين يطلقون لفظ الإحساس على هذه الظاهرة بوجهيها الانفعالي والعقلي معا
(ريد)Reidحيث يقول ":الإدراك هو الإحساس المصحوب بالانتباه ".
بينما يبني الجشطالط موقفهم في الإدراك على أساس الشكل أو الصورة الكلية التي ينتظم فيها الموضوع الخارجي ،فالجزء لا
يكتسب معناه إلا داخل الكل .فتكون الصيغة الكلية عند الجشطالط هي أساس الإدراك .فالإدراك يعود إلى العوامل الموضوعية.
فالصيغ الخارجية هي التي تفرض قوانينها علينا و تؤثر على إدراكنا ،وبذلك فهي تحد من قدراتنا العقلية .وعلنية فالإدراك ليس
مجموعة من الاحساسات و إنما الشكل العام للصورة هو الذي يحدد معنى الإدراك.فالثوب المخطط عموديا قد يزيد من أناقة
الفتاة ،وذات الثوب بخطوط أفقية قد يحولها إلى شبه برميل.
لكن رد الإدراك بشكل كلي إلى الشكل الخارجي أمر لا يؤكد الحالة النفسية للإنسان فهو يشعر بأسبقية الإحساس الذي تعيشه
الذات كما أن رد الإدراك إلى عوامل موضوعية وحدها ،فيه إقصاء للعقل و لكل العوامل الذاتية التي تستجيب للمؤثر .و إلا كيف
تحدث عملية الإدراك؟ ومن يدرك ؟
الإدراك ينطلق من الإحساس و يتجه نحو الموضوع .
إن الإدراك عملية نشيطة يعيشها الإنسان فتمكنه من الاتصال بالموضوع الخارجي أو الداخلي ،وهي عملية مصحوبة بالوعي
فتمكنه من التعرف على الأشياء .و الإدراك يشترط لوجوده عمليات شعورية بسيطة ينطلق منها .و هو الإحساس ،بكل حالاته
الانفعالية التي تعيشها الذات المدركة ،و وجود الموضوع الخارجي الذي تتوجه إليه الذات المدركة بكل قواها و هو ما يعرف
بالموضوع المدرك.
إن الاختلاف بين علم النفس التقليدي الذي يميز الإحساس و الإدراك ،و علم النفس الحديث الذي لا يميز بينهما باعتبار أن
العوامل الموضوعية هي الأساس في الإدراك يبقى قائما .غير أن التجربة الفردية تثبت أن الإنسان في اتصاله بالعالم الخارجي و
في معرفته له ينطلق من الإحساس بالأشياء ثم مرحلة التفسير و التأويل فالإحساس مميز عن الإدراك ليسبقه منطقيا إن لم يكن
زمنيا.
الدرس :اللغة والتواصل السؤال :هل يمكن التفكير بدون لغة ؟
إن علماء النفس يطلقون معنى اللغة على مجموع الإشارات التي يعبر بها عن الفكر ،فنحن عندما نتحدث مع الغير فانه من
الواضح أننا ننطق بألفاظ نرتبها حسب المعنى ،و عندما نتحدث لأنفسنا لا ننطق بألفاظ ولكننا نرتب المعاني حسب المعنى ،
وعندما نتحدث لأنفسنا لا ننطق بألفاظ ولكننا نرتب المعاني حسب الصورة المنطوقة مما يبدو معه أن كل تفكير يحتاج إلى تعبير
وأن كل تعبير يحتاج إلى تفكير ،إلاّ أن مسألة اللغة والفكر ظلت موضع سوء تفاهم بين الفلاسفة والعلماء فهل يمكن قيام فكر
بدون لغة ؟ بمعنى آخر هل اللغة والفكر منفصلان عن بعضهما أم أنهما مظهرين لعملية نفسية واحدة ؟
-----------------------Page 1 End-----------------------
2
اللغة والفكر منفصلان عن بعضهما
يذهب أصحاب الاتجاه الثنائي إلى التمييز بين اللغة والفكر ،ويفصلون بينهما فصلا واضحا ،ويعتبرون أن الفكر سابق عن اللغة
وأوسع منها ،لأن الإنسان يفكر بعقله أولا ثم يعبر بلسانه ثانيا ،لذلك قد تتزاحم الأفكار في ذهن الإنسان ولكنه يعجز عن التعبير
عنها مما يجعل اللغة عائقا للفكر ولعل هذا ما يفع بالإنسان إلى الاستعانة بالإشارات لتوضيح أفكاره أو اللجوء إلى وسائل بديلة
للتعبير اللغوي كالرسم والموسيقى وغيرهما .وهذا ما أكده (برغسون) حين قال { :اللغة عاجزة عن مسايرة ديمومة الفكر }.
بمعنى أن تطور المعاني أسرع من تطور الألفاظ ،فالمعاني بسيطة متصلة بينما الألفاظ مركبة منفصلة ،ويقول (فاليري) :ـ
أحد الشعراء الفرنسيين ـ {أجمل الأفكار هي تلك التي لا نستطيع التعبير عنها } .بمعنى أن اللغة عاجزة عن إبراز المعاني
المتولدة عن الفكر إبرازا كاملا ،فلا يمكنها أن تجسد كل ما يختلج في نفس الإنسان .
وهكذا فالنتيجة التي ينتهي إليها أصحاب الاتجاه الثنائي أن الفكر واللغة منفصلات عن بعضهما فالقدرة على التفكير لا تعني
بالضرورة القدرة على التعبير مما يؤدي إلى عدم التناسب بين القدرة على الفهم والقدرة على التعبير .
لكن الإنسان يشعر بأنه يفكر ويتكلم في آن واحد ،والواقع يبيّن أن التفكير لا يتم بدون لغة .فالفكر بدون لغة مجرد شعور .
لا يمكن الفصل بين اللغة والفكر
يذهب أصحاب الاتجاه الواحدي إلى عدم التمييز بين اللغة والفكر فهم يفصلون بينهما ولا يرون وجود فرق بينهما بل يرون أنه
لا يمكن أن يوجد فكر بدون لغة ،كما لا توجد لغة من دون فكر .فاللغة ليست مجرد أداة للتبليغ والتعبير بل هي الأساس الذي
يقوم عليه التفكير ومن بين الفلاسفة الذين يؤكدون على وجود وحدة عضوية بين اللغة والفكر الفيلسوف الألماني (هيغل) الذي
يرى أن الكلمة تعطي للفكر وجوده الأسمى وأن الرغبة في التفكير بدون كلمات لمحاولة عديمة المعنى ،كما أن اللغة عند (جون
لوك) هي علامات حسية تدل على الأفكار الموجودة في الذهن ،وهـذا يعني أن هناك تطابقا بين الفكرة ودلالة الألفاظ .كما يقول
(ستالين){:مهما كانت الأفكار التي تجيء إلى فكر الإنسان فإنها لا تستطيع أن تنشأ وتوجد إلاّ على مادة اللغة } .وقد
أشار(أرسطو) إلى هذا بقوله { :ليست ثمة تفكير بدون رموز لغوية } .
وهكذا فإن أصحاب الاتجاه الواحدي يخلصون إلى نتيجة مفادها أن اللغة والفكر كل موحد وأن العجز الذي توصف به اللغة فهو
عجز في التفكير وأن عدم التناسب بين القدرة على الفهم والقدرة على التبليغ يعود إلى عجز المتكلم عن إيجاد الألفاظ المناسبة
للفكرة .
لكن الإنسان يشعر بعجز اللغة عن مسايرة الفكر ،فالأدباء على الرغم من امتلاكهم لثروة لغوية كبيرة يعانون من مشكلة التعبير
والتبليغ كما يشعر الإنسان أيضا بخطورة اللغة على الفكر أحيانا مثلما في سوء التفاهم .
لا فكر بدون لغة ولا لغة بدون فكر
لقد حاول الكثير من الفلاسفة من خلال آرائهم التوفيق بين الفكر واللغة ،فلا فكر بدون لغة ولا لغة بدون فكر ،وقد عبر عن
هذا التلاحم بين اللغة والفكر (ميرلوبونتي) بقوله { :إن الفكر لا يوجد خارج الكلمات } .بينما يقول
(دولاكروا) { :اللغة تصنع الفكر و الفكر يصنع اللغة } .وهكذا يبقى على الإنسان الاعتناء بلغته وتطويرها حتى تتمكن من
مواكبة الفكر واللحاق به فاللغة السليمة تعبر بصدق عن الفكر .
نستنتج مما سبق أن اللغة والفكر شيئان متداخلان ومتكاملان ،وإن كانت بينهما أسبقية فهي منطقية لا زمنية ،وإن كان بينهما
تمييز فهو نظري لا مادي وقد عبر عن هذه العلاقة (هاملتون) بقوله { :إن المعاني شبيهة بشرار النار لا تومض إلاّ لتغيب فلا
يمكن إظهارها وتثبيتها إلا بالألفاظ } .كما يقول (زكي نجيب محمود) { :الفكر هو التركيب اللفظي أو الرمزي لا أكثر ولا أقل
} .وعليه فكل تفكير يتطلب لغة .
السؤال :هل يشكل الشعور مجمل الحياة النفسية عند الإنسان ؟ الدرس :الشعور و اللاشعور
* الطريقة الجدلية
المقدمة :
يكاد يجمع علماء النفس في تعريفهم للشعور على أنه إدراك المرء لذاته أو هو حدس الفكر لأحواله وأفعاله ( الحدس
معرفة مباشرة ) وعليه يكون الشعور أساس المعرفة الذاتية .ومن ثم فهل يمكن اعتماد الإنسان على شعوره وحده في إدراك
كل ما يجول في حياته النفسية ؟ بمعنى آخر هل الشعور يصاحب كل ظواهر النفس ؟
التحليل :
القضية الشعور يشكل مجمل الحياة النفسية ( الشعور أساس الأحول النفسية ) .
الحجة :يذهب بعض الفلاسفة أصحاب النظرية الكلاسيكية ( التقليدية ) إلى أن الحياة النفسية في مجملها تقوم على أساس
الشعور وعلى رأس هؤلاء " ديكارت " الذي اتبع منهج الشك الذي يشمل كل شيء إلا البداية الأصلية الغير مشروطة في
المعرفة والتي حددها ديكارت ب " أنا أفكر إذن أنا موجد " وهو ما يعرف بالكوجيتو الديكارتي حيث سلم بوجود التفكير وبما
أن الإنسان لا ينقطع عن التفكير فهو يشعر بكل ما يحدث على مستوى النفس وبما أن الشعور حدس والحدس معرفة مباشرة
لا تخطئ فهو ينقل للفكر كل ما تعيشه النفس ومن ثم لا وجود للحياة النفسية لا شعورية لذلك يرى كل ما هو نفسي يرادف
-----------------------Page 2 End-----------------------
3
ما هو شعوري .وهناك آخرون ممن يرون ذلك أمثال " ستيكال " أو" ابن سيناء " في الفكر الإسلامي حيث يقول " :
الشعور بالذات لا يتوقف أبدا " وهكذا ساد الاعتقاد قديما أ ،شعور الأساس الحياة النفسية .
النقد :لكن المتأمل لحياة الإنسان يكشف أنه يعيش كل لحظات حياته في حالة واعية بل تصدر منه سلوكات لا يشعر بها إلا
بعد فواتها أو تنبيهه إليها مثل زلات القلم فلتات اللسان ...وهذا يدل على وجود حياة لا شعورية ..
النقيض :الشعور لا يشكل مجمل الحياة النفسية عند الإنسان ( اكتشاف اللاشعور )
الحجة :اللاشعور هو مجموع الحوادث النفسية المكبوتة التي تؤثر في النفس دون الشعور بها ويعتبر فرويد مكتشف اللاشعور
ولو أن بوادر هذا الاكتشاف كانت موجودة قبله مع " ليبتز " " " 1111_1161الذي حاول إثبات فكرة اللاشعور بالأدلة
العقلية حيث قال " :لدينا في كل لحظة عدد لا نهاية له من الادراكات التي لا تأمل فيها ولا نظر " ثم جاء دور الأطباء
ومنهم " " برنهايم " ( )1111 _1331و " شاركو" ( )1113 _1321من خلال معالجة مرض الهستيريا ( اضطرابات
عقلية ونفسية دون وجود خلل عضوي ) وفكرة التنويم المغنطيسي الأمر الذي هدى " فرويد " وبعد وقوفه على تجارب "
بروير" ( )1121 _1362إلى اكتشاف اللاشعور وهذا يعني أن هناك جانبا في حياتنا توجد فيه أسرار وعقد لا يسمح لها
بالخروج في حالة الشعور ،ومن ثم كشف عن نظريته في التحليل النفسي القائمة على التداعي الحر .
النقد :لكن اللاشعور وإن أصبح حقيقة لا تنكر فإن الحوادث النفسية لدى الإنسان تبقى تجري في مجال الشعور بالدرجة
الأولى فالإنسان يعيش معظم لحظات حياته واعيا .
التركيب :الحياة النفسية تتشكل من الشعور و اللاشعور .
من خلال ما سبق لا يمكن إهمال الجانب الشعوري لدى الإنسان ولا يمكن إهمال الجانب الشعوري لدى الإنسان ولا يمكن
إنكار دور اللاشعور بعد ما تم التدليل عليه ،ومن ثم فالحياة النفسية عند الإنسان أصبحت بجانبين شعورية ولا شعورية
باعتبار أن الشعور أمر لا يمكن إنكار وجوده .ولكنه لا يصاحب جميع أفعال الإنسان ولا يوجهها دائما .ثم أن للدوافع
اللاشعورية أثر بارز في توجيه سلوك الفرد .
الخاتمة :
إن الإنسان كائن واعي بالدرجة الأولى .وعليه فإذا كان شعور الإنسان لا يشمل كل حياته النفسية فما يلفت من الشعور
يمكن رده إلى اللاشعور فهو في نظر فرويد مركز الثقل في الحياة النفسية وبالتالي فالشعور يشكل جانب من الحياة النفسية و
اللاشعور يشكل الجانب الآخر .
الدرس :الذاكرة السؤال :الذاكرة ؟
مقدمة :تعد الذاكرة من أهم مواضيع علم النفس بعد انقسامه على الفلسفة بداية القرن 13ذلك أن عملية التذكر بالنسبة للإنسان مهمة
إلى درجة أن المعرفة تتوقف عليه ،وإذا كانت الذاكرة بتعريف الفيلسوف الفرنسي لالاند "بأنها وظيفة نفسية ،تتمثل في استعادة
حالة شعورية ماضية ،وتعرف الذات لها من حيث هي كذلك "...إنها استعادة الماضي ووسيلة لاستحضاره كما هو محدد،
مصحوبة بمهد عقلي ،وانتباه أي أن ليست فعلا آليا.وعلى الرغم من إتفاق العلماء والفلاسفة حول تعريفها ،فإن الاختلاف كان
حول طبيعتها هل تعود إلى النشاط العصبي أم إلى الحالات النفسية ؟ وبمعنى آخر هل هي من الطبيعة مادية فيزيولوجية أم من
طبيعة نفسية ؟
القضية ... :يرى ريبو ribotأن الذكريات تحفظ بالدماغ على شكل أثار تتركها الحوادث على خلايا القشرة الدماغية ،وهذه
الذكريات تسترجع عندما تحدث إدراكات مماثلة لها .
وأي خلل يصيب هذه الخلايا يؤدي إلى زوال الذكريات .إن الادراكات الحاضرة في نظر "ريبو"هي التي توقظ الذكريات الماضية
،وعملية التثبيت تكون بالتكرار يقول هذا الفيلسوف المادي"الذاكرة الظاهرة بيولوجية بالماهية ،وسيكولوجية بالعرض>>...
وتبين له من خلال التجارب التي أجراها أن النسيان يبدأ بالذكريات القريبة ثم البعيدة ثم الأبعد منها ،ويفسر زوال الذكريات
بإصابة الخلايا الدماغية .
ويستدل "ريبو" على هذا الرأي بالتجربة على فتاة أصيبت برصاصة على مستوى الجهة اليسرى في الدماغ ،فأصيبت بشلل في
يدها اليمنى ،وأصبحت لا تتذكر المشط الذي كانت تسرح به شعرها ،وهكذا أكد "ريبو" أن مكان الذكريات الدماغ ،وأن طبيعتها
مادية إذا إن تلف الخلايا لأجل الإصابة هو الذي جعل الفتاة تفقد هذه الذكرى ...كما أستدل على هذا بأن الذين فقدوا الذاكرة كلهم
أصيبوا على مستوى الدماغ ،فلم يفقد الناس ذكرياتهم عندما أصيبوا في مستوى آخر من الجسم ،وهذا بحسبه يحدد مكان الذاكرة
بالدماغ وأنها عبارة عن خلايا دماغية على مستوى القشرة ،ومن طبيعة مادية.
...فالذكريات تسجل على الخلايا ويكون تسجيلها أكثر عندما تتكرر هذا التسجيل عدة مرات ،كما يستدل "ريبو" على تلف الخلايا
بالمرض الذي يصيب الأطفال نتيجة سوء التغذية وهو مرض "الأفازيا" الذي يسبب ضعف التذكر.
مناقشة:
لقد رد برغسون عيى هذه النظرية بقوله"إنها تخلط بين الظواهر النفسية والفيزيولوجية وتعتبر الفكر وظيفة الدماغ ،في حين أن
المادة لا تفسر الذكريات >>ويقول"لو صح أن تكون الذكرى لشيء ما محتفظة بالدماغ لما أمكنني أن أحتفظ بشيء من الأشياء
-----------------------Page 3 End-----------------------
6
بذكرى واحدة ،بل بألوف الذكريات >>.ثم كيف نفسر عودة الذكريات والذاكرة للمرضى الذين فقدوها ،فالإصابة بالحبسة ليست
نتيجة تلف الخلايا ،إن الذكريات موجودة ،لكن الإنسان عاجز عن إعادتها.
نقيض القضية...:يرى برغسون زعيم النظرية النفسية الروحية ،أن الذاكرة ظاهرة نفسية وروحية ،فالروح عنده ديمومة ،ويميز
بين نوعين من الذاكرة عبارة عن عادة مكتسبة بالتكرار ،ولها علاقة بالجهاز الإنسان العصبي ،وهي ذاكرة الجسم :مثال <<،النثر
المحفوظ على ظهر قلب>>ونوع ثان من الذاكرة ،وهي ذاكرة عبارة عن تصور بحت وهي ذاكرة النفس ،وهي حياة وديمومة
وتعيد إلينا الماضي باعتباره شيئا خالصا،وتتصوره ،وإذا كان مركز الأولى هو البدن ،وأداتها المخ ،فإن الثانية مستقلة عنه ،إما
انفلات الذكريات فليس ناتجا عن إتلاف الخلايا ،وإنما يعود إلى اضطرابات الأجهزة الدماغية ،فالذاكرة عنده ليست وظيفة من
وظائف الدماغ ،إنها عملية نفسية يشترك فيها الجسم بحيث يستدعي وينسى والنفس تتعرف وتتوصل إلى الشيء.
أ/ا ميرلوبونتي ،وهوسرك ،فيرون أن الذاكرة هي الشعور نفسه ،عندما يرجع الحوادث إلى الماضي ،أو الفعل الذي يضع
الماضي ماضيا ،فالفعل لا يمكن وصفه بالحفظ لأنه حاضر دائما ،فالتذكر إذا فعل حاضر نستعيد به الحادثة ما بإرجاعها ...إلى
الماضي...
ولذلك فهوسرك يرى أ ،الذات إنسانية تمارس القصدية وتمارس التميز وإرادية ولذلك تتجه قصدا إلى تذكر الماضي واستعادته
ملونا بشعور الحاضر...
كما أن هالفكس صاحب النظرية الاجتماعية يرى أ ،الذاكرة من طبيعة اجتماعية ،وأن المجتمع هو الذي يدفعنا إلى التذكر(الغير)ما
دام أنه يشترك معنا في هذه الذكريات يقول هالفاكس"إنني في أغلب الأحيان عندما أتذكر ،فإن ذاكرتي تعتمد على الذاكرة
الغير>>...لأن الإنسان في نظر هذا الفيلسوف لا حاجة له بالتذكر لو كان معزولا عن الجماعة لأنها تدفعه عن طريق اضطراره
لنقل مجمل نتائج ملاحظاته ،وخبراته إلى الآخرين.
مناقشة ...:ما يؤخذ على هؤلاء تركيز كل منهم على نظرية خاصة ،فإن كان برغسون قد وقف في تقسيمه للذاكرة فإنه أخطأ
عندما فصل بينهما ،لأنهما متداخلتان ،فالذاكرة تستوجب الفكر وهذا ما لم ينتبه له ولم يوضحه برغسون اكتفى بدور الدماغ...
أما قول ميرلوبونتي ،وهوسرك أن الذاكرة هي الشعور ،فهذا ليس صحيحا ،لأن التذكر هو إعادة بناء الماضي بواسطة العقل ،
في حين أن يكون الشعور عفويا.أما المجتمع فلا يعد عاملا أساسيا في التذكر لأنه يمكن تذكر الحوادث لا علاقة لها
بالمجتمع،بحيث أ ،هالفكس أجاب عن مصدر الذكريات ولم يجب عن طبيعة الذاكرة ،أو كيف تحدث عملية التذكر.
التركيب :الذاكرة ليست من طبيعة مادية كما يرى "ريبو" وليست من طبيعة نفسية وشعورية كما يرى برغسون وهوسرك ،وحتى
أنها ليست من طبيعة اجتماعية.لأن عناصر كثيرة تشارك في عملية التذكر ولا يمكن أ ،تختزل في شيء واجد من هذه الأشياء.
الخاتمة...:ومهما يكن فإنه لا يمكن إرجاع طبيعة الذاكرة إلى عامل واحد من هذه العوامل السابقة ،لأن هناك عدة عوامل تساهم
في تركيبها ،كما أنها تقوم بعدة وظائف ،وهي ملكة من الملكات التي خصنا بها الله سبحانه وتعالى.
السؤال :هل ترى أن هناك علاقة بين الذاكرة والذكاء .أوضح هذه العلاقة .الدرس :الذكاء
تحليل الموضوع
إن بعض التلاميذ يحاولون تبرير كسلهم بالقول إنهم أذكياء ،ولكنهم لا يتوفرون على ذاكرة قوية .ويقصدون من وراء
ذلك أن التلاميذ المجتهدين ليسوا إلا أشخاصا يتوفرون على ذاكرة قوية ،إلا أنهم ليسوا أذكياء .فهل هذا الحكم يعتمد على أساس
صحيح وهل هناك علاقة بين الذكاء والذاكرة ،وسنقوم في البداية بأن نوضح مدى اختلاف الذكاء عن الذاكرة ،ثم العلاقة
الضرورية القائمة بينهما ،وأخيرا مدى تعاون هاتين الظاهرتين السيكولوجيتين .
يجب أن نعترف في بداية الأمر بأن هناك فرقا بين الذكاء والذاكرة .ويتجلى لنا هذا الفرق عندما نلاحظ أننا نستطيع أن
نحفظ قطعا ما دون أن نفهمها ،أي دون أن نكشف عن العلاقة القائمة بين عناصرها ،وبعبارة أخرى دون أن نستخدم الذكاء .
وفي بعض الأحيان قد يحدث العكس ونفهم قانون رياضيا مثلا دون أن نفهم قانونا رياضي مثلا دون أن نتمكن من حفظه وتذكره
.وربما نرى أشخاصا يتوفرون على ذاكرة خارقة إلا أنهم لا يتوفرون على ذكاء مماثل ،أو نرى العكس من ذلك أن بعض
الأشخاص قد يتوفرون على ذكاء ممتاز دون أن يتوفروا على ذاكرة ممتازة .والذاكرة الجيدة هي التي تساعدنا على تثبيت
الخبرات بسرعة أي على التحصيل السريع ،ثم الاحتفاظ بما حصلناه أطول مدة ممكنة ،وأخيرا استرجاع ما حصلناه استرجاعا
أمينا يساعدنا في التلاؤم مع الموقف الحاضر .أما الذكاء فعلى العكس من ذلك فهو اكتشاف علاقة ،ولكن بأسرع وقت ممكن ،
لاستخدام هذه العلاقة في حل الموقف الراهن .والفرق بين الشخص الذكي والشخص غير الذكي هو أن الأول يصل إلى اكتشاف
العلاقات بسرعة أكثر من الشخص الثاني .بالإضافة إلى ذلك أن الذكاء يختلف عن الذاكرة من حيث أنه يتسم بالجدة على عكس
الذاكرة .فالشخص الذكي هو الذي يكتشف حلا جديدا للموقف الذي يواجهه تعجز الغريزة والعادة على الإتيان به .وفي الذاكرة
نحن لا نأتي بجديد وإنما نسترجع أحداثا وخبرات ماضية .ورغم أن عملية الاسترجاع تفترض تحديدا للخبرات المسترجعة إلا أن
هذه العملية
لا تتضمن إضافات جديدة كما هو الشأن في الذكاء .إذن هناك فرق واضح بين والذاكرة ،ولكن هل هذا الفرق هو فرق حاسم أم أن
هناك علاقة ضرورية بين هاتين الظاهرتين السيكولوجيتين ؟
-----------------------Page 4 End-----------------------
1
على الرغم من الاختلاف الموجود بين الذكاء والذاكرة فان هناك علاقات ضرورية بينهما تجعلهما يتبادلان التأثير .فإذا كان الذكاء
هو اكتشاف علاقات فإن الذاكرة هي أيضا إيجاد علاقة ولكن بين موقف حاضر وخبرة ماضية .فنحن عندما نتذكر نعود من
الحاضر إلى الماضي ونكشف عن علاقة بينهما ،أي أننا نستخدم الذاكرة والذكاء معا .والماضي لا يعود كله إلى الحاضر ،وإنما
ما له علاقة بالحاضر ،لهذا شبه < برغسون > الذكريات بمخروط رأسه إلى الأسفل ،لكي يظهر أن الذكريات لا تتدفق دفعة
واحدة إلى الحاضر .وإنما يخرج منها ماله علاقة بالحاضر أذن أن التذكر يتضمن اختيارا للخبرة التي نتذكرها من بين مجموعة
كبيرة من الخبرات واختيار الخبرة يفترض ذكاء لأننا لا نختار أية خبرة كانت وإنما نختار فقط الخبرة التي لها علاقة بالموقف
الراهن .ثم أن الذكاء يساعدنا على تحديد الذكريات ،فقد أتذكر أني التقيت بشخص ما ولكني لا أحدد هذا الشخص بالضبط ،وهنا
نحن أمام تعرف ناقص لأننا لم نتعرف على طرفي العلاقة وإنما على طرف واحد منها .فالذكاء ،واكتشاف علاقات ،يساعدنا
على اكتشاف الطرف الآخر للعلاقة ،وبالتالي يساعدنا على تحديد الذكريات .وهذا يبدوا أن هناك علاقة ضرورية بين الذكاء
والذاكرة .ولكن إلى أي حد تعتمد الذاكرة على الذكاء والذاكرة ،وهذا يفترض تأثر وتأثير هاتين الظاهرتين في بعضهما البعض
وكلما قام الذكاء بوظيفته كلما ساعد الذاكرة على القيام بوظيفتها .فقد أحاول حفظ درس من الدروس إلا أن عملية الحفظ تبدوا
صعبة إذا كان الدرس غير مفهوم بالنسبة لي ،أي إذا لم أكشف عن علاقة منطقية بين عناصر الدرس .ولكي أحفظ الدرس بسهولة
يجب أن أكشف عن العلاقة القائمة بين عناصره أو الأفكار التي يتضمنها .لذلك نجد صعوبة مثلا في حفظ مجموعة من الكلمات لا
ترتبط بأية علاقة ،في حين يسهل علينا أن نحفظ وأن نتذكر مجموعة أخرى من الكلمات توجد بينها علاقة منطقية .إذن إن الذكاء
يساعدنا على الاحتفاظ بالذكريات وعلى استرجاع هذه الذكريات .ولكن الذاكرة تساعد أيضا الذكاء ،فعندما أكشف عن علاقة بين
موقف راهن وخبرة ماضية يجب أن أعود أولا إلى الخبرة الماضية ،أي أتذكرها ثم أكشف عن العلاقة بينها وبين الموقف الراهن
.وكأنني أستخدم الذكاء في نفس الوقت الذي أستخدم فيه الذكاء في نفس الوقت الذي أستخدم فيه الذاكرة والعكس صحيح
نستنتج مما سبق أن الذاكرة ،وإن كانت تختلف عن الذكاء ،إلا أنه ترتبط معه بعلاقة ضرورية في نفس الوقت الذي تعتمد
عليه ،كما أن الذكاء يرتبط بعلاقة ضرورية مع الذاكرة ويعتمد عليها .
الدرس :التخيل السؤال :
يقول (غابرتال تارد) :
" أن تقدم البشرية يتم بفضل هؤلاء الذي يتجاوزن حاضرهم بمخيلفهم....
حـلـل ونــاقــش
الطريقة الاستقصائية.
أن التخيل وظيفة من وظائف النفس و هي تتميز بالقدرة على تحليل الصورة و تركيبها .فالتخيل قوة مصورة تريك صور
الأشياء الغائبة ،فيتخيل لك أنها حاضرة ،كما يمكنها تأليف صورة ذهنية بالاعتماد على أشياء واقعية وأن لم يعبر عن شيء
حقيقي موجود ،فإذا كان قلة من الناس في هذه المجتمعات يملكون هذه القوة المبدعة التي تجعلهم تنظرون إلى الواقع لا كما هو
كائن وإنما كما ينبغي أن يكون فيتجاوزون المجهول بخيالاتهم و يوجهون غيرهم بإبداعاتهم فما دور التخيل المبدع في تقدم
البشرية؟ أو بمعنى آخر ما دور رجال الإبداع في بناء الحضارات؟
التخيل عموما هو نعمة عقلية وهبها الله سبحانه وتعالى لبعض عباده ،فبقوة التخيل يمكن للفرد أن يتصرف في الصورة
المبدعة الذهنية بالتحليل و التركيب ،بالزيادة والنقصان حتى تستقر الصورة المبدعة في مخيلة فيكون بذلك الفرد المبدع موهوب
ومميز عن غيره وهو نعمة وهب لمجتمعه ينيـر لهـم الطريق بما له قدرة على تجاوز الواقع بخياله و فهم المشاكل و إيجـاد لهـا
الحلول .فحضارة الأمة تقاس بمدى قدرة أفرادها على الإبداع و الاختراع ،فالمجتمعات المبدعة هي التي تملك أفرادا موهوبين
يمنحونها القدرة على البقاء و الاستمرار فالإبداع الحضاري شرط في بقاء الأمة واستمرارها.
أن الخيال المبدع يرتبط بوجود الذات أولا .فهو يوجد لدى فرد يتمتع بعوامل نفسية و عقلية خاصة كالميل و الموهبة ،كما
يربط وجوده بالشروط الاجتماعية الملائمة كالتفتح وتوفر الحاجة لأنها مادة المبدع .و متى توفرت الشروط الملائمة للإبداع فان
المبدع يسبح بخياله في مختلف الحضارات الإنسانية قديما و حديثا ألوانا مختلفة من الإبداع وفي مختلف المجالات أهمها حديثا
الميدان الفني بتعدد أشكاله وأنواعه ،الميدان العلمي بقوانينه ونظرياته العلمية ،الميدان التقني بأدواته و وسائله التي يسرت شروط
الحياة ....وهكذا فالتخيل المبدع يوحد حيث توجد شروطه و ينعدم حيث تنعدم شروطه.
إذا كان من غير الممكن حصر ميادين الإبداع ،ومختلف الابتكارات التي أبدعها الإنسان في تاريخه الطويل ،فانه ينبغي لنا أن
نؤكد بأن الإبداع يعتبر ذكاء الأمة و عبقريتها فقيمة الإبداع لا تقدم بثمن لدى الشعوب المتحضرة لأنها تدرك أن السلوك المبدع
هو المقياس الحقيقي للشعوب على المستوى الحضاري ،فالحضارة أو الثقافة كلتا هما نتاج لعبقرية الفرد التي تأبى أن تتفجر إلا
في بيئتها الملائمة ،وإّذا كان الإبداع على هذا القدر من القيمة فلأنه موجه لخدمة الإنسان وزيادة رفاهية في الحياة ،أما تاريخ
الاكتشافات أثبت أن الإبداعات الفردية لا توجه دائما لخدمة الإنسان بل قد توجه لتدميره و هذا هو الجانب السلبي للإبداع.
إن الفصل في تطور البشرية يعود إلى المبدعين ،فالمبدعون هم مصابيح البشرية ،فهم الذين يرمون بأنصارهم وراء المجهول
فيوجهون غيرهم .فمن يقضي على شروط الإبداع يقضي على شروط بناء الحضارة ،فلا حضارة بدون إبداع ،فلإبداع آية
والحضارة لغتها ،وهذا ما عنا تارد بقوله ":تقدم البشرية يتم بفضل هؤلاء الذين يتجاوزون الحضارة بمخيلتهم " .وهو يعني
-----------------------Page 5 End-----------------------
1
بذلك العباقرة و المبدعين وأصحاب الخيال عموما .وقد قال قائل " :وقد لا يكون لدى المرء أفضل من مخيلة خصبة يمتلكها "...
.
الدرس :العادة السؤال :قيل :إن العادة هي ما يقابل الغريزة .ما رأيك ؟
-1الإشكال :التساؤل عن حقيقة العلاقة بين العادة والغريزة ؟ أي السلوك المكتسب والفطري ؟
-2أوجه الاتفاق :كل منهما رجوع للماضي ،كل منهما مؤثر في السلوك .
-3أوجه الاختلاف :
العادة مكتسبة والغريزة فطرية .
غاية العادة التعلم وغاية الغريزة من مقتضيات الحياة
إمكانية كف أو تبديل السلوك الاعتيادي عكس السلوك الغريزي ( التصلب والجمود)
تأثر العادة بإرادة الإنسان بخلاف الغريزة .
الغريزة تدخل في تكوين الشخصية أما العادة فيمكن تحقيقها ( البيئة)
-3التداخل :التكرار والآلية
-6الخاتمة :العـادة أوسع من الغريـزة ( اختلاف من حيث الطبيعة والغاية ) .
الدرس :العادة السؤال :إلى أي مدى تكون العـادة مصدرا لفعالية السلوك ؟
-1طرح المشكلة :إذا كانت العادة عامل ثبات واستقرار في السلوك والإرادة عامل تطوير وتجديد له فأيهما يعتبر مصدرا لفعاليته
؛ العادة أم الإرادة ؟
-2التحليل :
أ -القضية :تحليل الرأي القائل بأن مصر فعالية السلوك هو العادة .
البرهان :إن الآلية تجعل عناصر السلوك منتظمة مترابطة مما يؤدي إلى التكيف السريع مع المواقف الجديدة
والاقتصاد في الجهد .
نقد البرهان :لكن الآلية تجعل السلوك متحجرا جامدا في مواقف محددة والفعالية تتجاوزها .
ب -نقيض القضية :تحليل الرأي القائل بأن مصدر فعالية السلوك هو الإرادة .
البرهان :إن الوعي كنشاط ذهني ضرورة يقتضيها الجهد النفسي الذي يهدف إلى التكيف مع المواقف الطارئة.
نقد البرهان :لكن العلاقة بين الوعي والسلوك لا تتصف بالضرورة ؛ قد يتصرف الشخص من غير وعي،
كما أنه قد يكون واعيا ولكن لا يقوم بأي تصرف .
ج -التركيب :تحليل الرأي القائل بأن فعالية السلوك مصدرها العادة والإرادة .
البرهان :إذا كان الجهد الإرادي هو السبب في انتظام العادة واستقرارها فإن آلية العادة هي السبب في
تناسق الفعل الإرادي وتكامله .
-3الاستنتاج :إن العادة وحدها تؤدي إلى جمود السلوك ،والإرادة وحدها تؤدي إلى اضطرابه ،وعليه فالتفاعل
الحاصل بين دقة الأفعال التعودية وحيوية الأفعال الإرادية هو أساس الفاعلية أي فعالية السلوك .
الدرس :الأخلاق السؤال :هل يمكن أن تتحول الأخلاق إلى دراسات للعادات الأخلاقية ؟
تصميم الموضوع:
-1مقدمة :الإنسان كائن أخلاقي .
-2العادات الأخلاقية :موقف المدرسة الاجتماعية من الأخلاق .
-3نقد موقف المدرسة الاجتماعية .
-----------------------Page 6 End-----------------------
1
-6الأخلاق الميتافيزيقيا أو النظرية .
-1خاتمة :لا يمكن جعل الأخلاق مجرد عادات أخلاقية .
تحليل الموضوع
الإنسان كائن أخلاقي ،وهذا يعني أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يطرح أخلاقية ويحاول أن يجعل سلوكه ينسجم مع القيم
الأخلاقية .وإذا كان الإنسان كائنا أخلاقيا فذلك لأنه يتعدى حاضره ليتطلع إلى المستقبل البعيد والماضي البعيد في نفس الوقت
الذي يعيش الحاضر .
وهذا ما قصده < هيدجر> عندما قال << :الإنسان كائن ذو أبعاد >> .بالإضافة إلى ذلك يتميز الإنسان بطبيعة مزدوجة
فهو عقل وعاطفة ،روح وجسد ،يطمح إلى المطلق في نفس الوقت الذي يخضع فيه للزمان والمكان .
إن هذه الثنائية الميتافيزيقيا هي التي جعلت الإنسان كانا أخلاقيا ،أما الحيوان فلا يعرف الأخلاق لأنه يعيش في الحاضر
وبدافع من الغريزة فقط .ولكن ماذا نقصد بالأخلاق ؟ هل هي تلك العادات الشائعة في المجتمع؟ أم هي تلك الأخلاق النظرية التي
يحدثنا عنها الفلاسفة؟
نلاحظ أن كل مجتمع يتوفر على مجموعة من الأوامر والنواهي ،وهذه الأوامر والنواهي تختلف من مجتمع إلى آخر ،ومن
عصر إلى آخر .وما يسمح به هذا المجتمع قد لا يسمح به مجتمع آخر ،وما يسمح في هذا العصر لم يكن يسمح به في عصر
سابق .كما أن العادات الأخلاقية تتغير وتتطور ،وهذا يعني أنها ليست مطلقة وإنما نسبية ،إلا أن هذه تتوفر على قوة الإلزام ،
بحيث إذا ما خرج عنها الفرد قوبل خروجه بالاستنكار من طرف المجتمع .والسلطة التي تتميز بها العادات الأخلاقية دفع
البعض إلى تميز بين الأخلاق و العادات الأخلاقية .
وقد تجلى ذلك في موقف المدرسة الاجتماعية التي تزعمها < دور كايم > والتي ذهبت أن لكل مجتمع أخلاقه الخاصة به ولا
وجود لأخلاق مطلقة لا تتغير ولا تختلف باختلاف الزمان والمكان .ويرى << دور كايم >> أن الضمير الفردي الذي تعتمد
عليه الأخلاق ليس سوى صد للضمير الجمعي .
فالإلزام يصدر عن المجتمع في بداية الأمر ثم يتبناه الفرد فيصبح إلزاما فرديا ،إلا أن الإلزام في شأنه إلزام اجتماعي ،وهذا ما
يفسر لنا تغيره من مجتمع لآخر ومن عصر لآخر .
وينفي <دوركايم > وجود ضمير فردي ،فالفردية وهم ولا وجود لها في الواقع ،لأن الفرد يستمد إنسانيته ووجوده من المجتمع
.
ولكن هل يمكن أن نرد الأخلاق إلى مجرد ظاهرة اجتماعية ؟ وهل يمكن أن نجعل الأخلاق عبارة عن دراسة للسلوك كما
هو في الواقع ؟ إن الأخلاق دراسة معيارية للسلوك ،أي دراسة السلوك كما يجب أن يكون لا كما هو في الواقع .وإذا جعلنا
الأخلاق دراسة للعادات الأخلاقية لأصبحت جزءا من السوسيولوجيا أو علم الاجتماع ولما كان هناك مبرر لدراسة الأخلاق
خارج نطاق السوسيولوجيا .والإنسان عندما يرى مظهر للتغير والتعدد فلا بد أن يتساءل فيما إذا كان يوجد خلف هذا التغير ثابت
لا يتغير ،كما يتساءل فيما إذا كان يوجد خلف التعدد أو الكثرة واحد صدرت عنه تلك الكثرة .لهذا قال << شوبنهاور>> :
<< إن الإنسان حيوان ميتا فيزيقي>> ،أي يطمح إلى إيجاد ثابت خلف ما يراه من تغير ،فهو يتساءل مثلا عن إله لهذا الكون ،
أي عن سبب أو لا يتغير صدرت عنه جميع الأسباب ،وعلى الصعيد الأخلاقي يتساءل الإنسان عن وجود
أخلاق نظرية أو ميتا فيزيقية أو مطلقة خلف ما يراه من عادات أخلاقية تختلف من مجتمع إلى آخر ومن عصر إلى آخر .
وإذا كان الإنسان حيوانا ميتافيزيقيا وبالتالي كائن أخلاقي ،لأن قيام الميتافيزيقيا يعتبر تبريرا لقيام أخلاق ميتا فيزيقية أو
أخلاق نظرية .ونقصد بالأخلاق النظرية تلك الأخلاق التي يحدثنا عنها الفلاسفة الأخلاق والتي تتعلق بالقيم الأخلاقية كالخير
والشر والعدالة والفضيلة ...بوصفها قيما مطلقة لا تتغير بتغير الزمان والمكان .وقد يؤخذ على هذه الأخلاق أنها أخلاق تتعدى
كثيرا السلوك الإنساني ولا علاقة لها بالواقع كما يعيشه الإنسان .كما
يؤخذ عليها أنها تختلف من فيلسوف لآخر وأنها جزء من الفلسفة التي يدعوا إليها الفيلسوف .وإذا كان هذا الاعتراض مقبولا في
حد ذاته فهل يجب ،نتيجة لذلك ،أن نقضي على الصلة القائمة بين الأخلاق والميتافيزيقيا ؟ أن علمك اليوم يشهد باستمرار تقدما
تكنولوجيا هائلا ،وهذا التقدم اتجه في بعض الأحيان نحو التخريب والدمار ،بحيث أصبح الإنسان بحاجة لا إلى مزيد من التقدم
التكنولوجي ،وإنما إلى مزيد من الأخلاق لتوجيه هذا التقدم لخير الإنسان وسعادته .
وإذا كانت الأخلاق الميتافيزيقية تحلق بنا بعيدا عن واقعنا كما نعيشه فيجب أن يدعوا إلى أخلاق ميتا فيزيقية جديدة تتعدى واقعنا
،ولكن لا لتحلق بعيدا وإنما لتعود من جديد إلى الواقع الذي انطلقت منه لتجعل منه أفضل واقع ممكن .وهذا يعني أن بالإمكان
إقامة أخلاق نظرية تتعدى الواقع وتوجهه في نفس الوقت .
ننتهي من كل ذلك إلى أنه لا يمكن أن نرد الأخلاق إلى مجرد دراسة للعادات الأخلاقية ،ولكن دون أن ننسى أن على الأخلاق
أن توجه السلوك لأنها قبل كل شيء دراسة للسلوك الإنساني لا كما هو في الواقع وإنما كما يجب أن يكون .
الدرس :الأخلاق السؤال :
يقول جون بول سارتر " :لا يوجد غيري فأنا وحدي الذي أقرر الخير واخترع الشر " حلل وناقش .
* الطريقة الاستقصائية
-----------------------Page 7 End-----------------------
3
*المقدمة :يطلق لفظ الأخلاق على جميع الأفعال الصادرة عن النفس محمودة كانت أو مذمومة منها يعرف بالخير والمذمومة
منها يعرف بالشر ،وهما المحوران اللذان يدور حولهما علم الأخلاق ،وإذا كان الستر قد أرجع الخير والشر إلى الفرد فهل
مصدر القيمة الأخلاقية ذاتي دائما ؟ بمعنى هل الخير والشر من صنع الإنسان أم أن هناك أطرافا أخرى يمكنها صناعة القيم
الأخلاقية ؟
التحليل :
القيمة الأخلاقية الذاتية :القيم الأخلاقية مصدرها الفرد .
ذهب سارتر أن مصدر القيمة الأخلاقية هو الفرد ،فهو الذي يقرر الخير وهو الذي يخترع الشر ،فتصور سارتر الإنسان
على أنه كائن لذاته ،وتصور سارتر للنشاط الإنساني على أنه كائن لذاته ،وتصور سارتر للنشاط الإنساني على أنه حر ،
وأن ماهية الإنسان ما هو ما يوجد بنفسه ( الوجودية ) يشمل على فلسفة سارتر الأخلاقية التي تنطلق من الذات فيترتب
عليها أن الإنسان هو الذي يضع القيم فيضع الخير والشر .وبذلك فهو يعدم وجود الغير في وضع القيم وعلى هذا كانت
المسؤولية مطلقة عند سارتر .
غير أن هذا الرأي نجده عند أنصار النزعة التجريبية والنزعة العقلية على حد سواء ،فالتجريبيون يرجعون مصدر القيم
الأخلاقية إلى التجربة والممارسة الفردية ،التي تتطور إلى عادة اجتماعية ،كما أن العقليون يرون أن مصدر القيم الأخلاقية
هو العقل الإنساني إذا به نحكم على الأشياء وبه نميز بين الخير والشر وبالتالي فالفرد مصدر القيم الأخلاقية هو العقل الإنساني
إذ به نحكم على الأشياء وبه نميز بين الخير والشر وبالتالي فالفرد مصدر القيم الأخلاقية .
_ لكن الفرد ليس المصدر الوحيد للقيم الأخلاقية ،فإقصاء الغير في صناعة الأخلاق أمر لا يثبته الواقع ،كما أن التجربة
الفردية مختلفة ومتناقضة والعقل قاصر لا يهدي صاحبه في جميع الأحوال .
القيمة الأخلاقية موضوعية :القيم الأخلاقية مصدرها المجتمع والدين .
إن الأخلاق في نظر آخرين من الفلاسفة من خلاف سارتر ) (1تنبع من المجتمع ومن الدين حيث يرى أثار النزعة
الاجتماعية والقيم الأخلاقية نابعة عن تأثير الجماعة في الفرد حيث يقول " دوركايم " " :إذا استنكر أحدنا الفاحشة فلأن المجتمع
يستنكرها " .كما يرى أنصار الاتجاه الديني أن القيم الأخلاقية صادر عن الوحي
( فالتعاليم الدينية مصدر القيم الأخلاقية ) فهي جاءت لكي تساعد العقل علي إدراك الخير والشر .
هذا الموقف الديني نجده بوضوح عند مفكري الإسلام خاصة موقف المفكرين الأشاعرة الذي يعتبر الدين مصدر الخير والشر
فالواجبات في نظرهم سمعية كلها " افعل ما تؤمر آية .باعتبار أن القيم مختلفة باختلاف الدين .
_ لكن الفرد قد يحدث ثورة فكرية ،وأخلاقية ويخرج عن العرف ويغير قواعد المجتمع ،كما أن المثل الأعلى الوارد
عن طريق الوحي قد ينعدم عند بعض الشعوب وتبقي لديهم أخلاقهم الخاصة .
القيمة الأخلاقية ذاتية وموضوعية :القيم من صنع أطراف مختلفة
من القيم الأخلاقية ما هو صادر عن الفرد وتبقى هذه الأخلاق محل اختلاف بين الناس ،ومن القيم ما هو صادر عن
المجتمع كالعادات والتقاليد وهي متغير من جماعة لأخرى ،ومن القيم ما هو صادر عن الوحي كأخلاق المسلمين وما يتعلق
بالحلال والحرام وهي تتمتع بالثبات .
الخاتمة :إن موقف سارتر من الأخلاق لا يمكن التسليم به ،إذ ليس بإمكان الفرد أن يقرر وحده الخير والشر ،رغم أنه قادر
على ابتكار القيم الأخلاقية وقادر على الالتزام بها أو تركها .فالقيم الأخلاقية تصنعها أطراف مختلفة الفرد ،المجتمع ،
والدين .
الدرس :الأخلاق السؤال :لماذا يثير وجود الشر مشكلة ميتا فيزيقية ؟
تحليل الموضوع
إن وجود الشر في العالم يعتبر بالنسبة لأي إنسان لغزا محيرا ومؤلما في نفس الوقت .وتفكير الإنسان في وجود الشر يجعله يواجه
مشكلة ميتا فيزيقية حقيقية .وإذا كنا لا نطرح جميعا الشر كمشكلة إلا أننا جميعا عانينا الشر بمشكل من الأشكال .والفيلسوف
ينكب على هذا الجانب من الوجود الإنساني ليحدد أبعاده ويكشف عن معناه ويحدد الموقف الذي يجب أن يتخذه إزاءه .
وقد اعتاد الفلاسفة تقيم الشر إلى ثلاثة أنواع :
شر حسي أو طبيعي متمثل في الألم ،وشر أخلاقي متمثل في الخطيئة ،وشر ميتا فيزيقي يتمثل في نقص الموجود في العالم حيث
نرى الشر بجميع أشكاله :حرب ،موت الأبرياء ،كوارث طبيعية ...الخ .ويمكن أن نجمل الشرور التي يعاني منها الإنسان في
هذا العالم والتي تجره إلى طرح أسئلة ميتا فيزيقية كبرى في ثلاثة أنواع من الشرور :الألم << مرض ،جوع ،ألم حسي أو
أخلاقي >> ...والظلم << اجتماعي أو سياسي كالاضطهاد والفقر ،والحرب ،والتعذيب >> ...وأخيرا الموت الذي يعتبر أقسى
أنواع الشرور والذي يدفع الإنسان إلى طرح عدد من القضايا الميتافيزيقية الكبرى .
-----------------------Page 8 End-----------------------
1
إن وجود الشر في العالم يطرح مشكلة تعتبر من أعقد المشاكل التي تواجهها الفلسفة .وفي العصور القديمة طرح < ابيقور>
مشكلة الشر طرحا رائعا إذ قال << :أما أن يكون الإله يريد إزالة الشر إلا أنه لا يستطيع ،وإما أنه يريد الشر ويستطيع إزالته .
فإذا كان يريد إزالة الشر ولا يستطيع ،فهذا يعني أنه لا يتوفر على القدرة وهذا يتنافى مع طبيعة الإله .وإذا كان يستطيع إزالة
الشر إلا أنه يريد البقاء ه فهذا يعني أنه يكرهنا نحن البشر ،وهذا يتنافى مع طبيعة الإله .وإذا كان لا يستطيع إزالة الشر ولا
يريده فهذا يعني أنه لا يتوفر لا على قدرة ولا على الحب ،وبالتالي لن يكون إلها .وإذا كان يريد الشر ويستطيع إزالته – وهذا هو
الحل الذي يتلاءم مع طبيعته – فمن أين جاء الشر إذن ولماذا لا يزيله ؟ >> .
ويمكن أن نقسم المواقف الفلسفية من مشكلة الشر إلى نوعين :مواقف متفائلة تنفي وجود الشر وجودا موضوعيا ومواقف متشائمة
اعترفت بوجود موضوعي للشر .وسنأخذ كمثال على المواقف المتفائلة موقف< سبينوزا > وغير من الفلاسفة وكمثال على
المواقف المتشائمة موقف < شوبنهاور > .
اعتبر < سبينوزا> الشر بمثابة وهم لأن ما نسميه شرا ليس إلا عنصرا من عناصر النظام الموجود في هذا الكون .
ونحن إذ نعتبر أن بعض الأفعال أفعالا شريرة فما ذلك إلا لأن عقلنا لم يستطيع أن يدرك الكون ككل فتوهم أن هذا الفعل شرير
لأنه نظر إليه منعزلا عن بقية العناصر التي يتكون منها الكون .وقديما أخذت الرواقية بموقف مماثل لموقف < سبينوازا > ،
فالشر عند الرواقية ليس وجود موضعي وإنما يوجد في أنفسنا ،أي أن الشر ليس في الأشياء وإنما في مواقفنا منها ،وبما أن ما
يحدث لنا يحدث بإرادة إلهية فيجب علينا أن ننظر إلى ما يحدث لنا على أنه خير .وحتى وإن بادلنا فعل ما أنه فعل شرير فإنه
في حقيقة الأمر فعل خير إذا ما نظرنا إليه على أنه فعل ضروري للنظام الذي يسود الكون .وإذا نظرنا إلى جميع الأفعال على أنها
خيرة فإننا سنعيش في راحة كبرى ولا نتألم ولا نخاف ولا نأسف ،بل نقبل كل شيء راضين لأن ما يحدث بإرادة إلهية كلية .
وليس لنا أن ندفع القضاء والقدر .والحكيم هو الذي يعرف قوانين الوجود ويخضع للإيرادات الكلية ،أما الجاهل فهو الذي لا
يستطيع أن يدرك أن العالم محكوم بقوانين كلية شاملة ،لذلك نراه يضطرب في تصرفاته ويفقد سعادته .وقبل الرواقية ذهب
أفلاطون إلى أن الفضيلة علم والرذيلة ،جهل وليس هناك شرين بإرادته .
وفي العصور الحديثة ذهب < مالبرانش > إلى أن علمنا هو أفضل العوامل الممكنة ،وإذا كان في عالمنا شر فإن هذا هو أقل
الشرور الممكنة .والشر الموجود في العالم يعتبر جزءا من النظام الذي يسود العالم .
والفضيلة الوحيدة في نظر < مالبرانش > هي محبة << النظام >> الذي يسود الكون .والله هو الكائن الوحيد الكامل كمالا
مطلقا ،ومنه تستمد الكائنات الأخرى خيرتها وتتدرج في الكمال حسب اقترابها أو ابتعادها عن الله .
وفي مقابل هذا الاتجاه هناك اتجاه آخر اعترف بوجود موضعي للشر ويمثل هذا الاتجاه < شوبنهاور > .يرى <شوبنهاور>
أن الحياة شر ويشهد بذلك النظر في ماهية اللذة والألم .فالنبات لا يتوفر على الحاسة لذلك لا يشعر بالألم ،والحيوانات الدنيا
تعاني مقدارا طفيفا من الألم لأن طاقتها على الإحساس ضعيفة .ويبدوا الألم بدرجة شديدة مع الجهاز العصبي للحيوانات الفقرية ،
وتزداد شدة الألم كلما عرف العقل والذكاء مزيدا من التقدم والتطور.
فكلما تصاعد الوعي كلما تزايد الألم وبلغ أشد درجاته في الإنسان .يقول < شوبنهاور> <<:كلما ازدادت معرفة الإنسان
وضوحا وتميزا ،وتزايد ذكاؤه ،يزداد ألمه شدة .والإنسان العبقري هو أكثر الناس معاناة للأم والعذاب >> .فالشر في نظر <
شوبنهاور > عنصر أصيل في الحياة ،ولو أزيلت جميع الشرر من الحياة لتحولت الحياة إلى سأم لا يطاق ،فنحن كلما صادفنا
المزيد من النجاح انتابنا المزيد من الملل والضجر .وليس هناك من شيء أشد خطرا على المثل العليا من تحقيقها .إننا كالزواج
وتعساء كعزاب ،تعساء في الوحدة وتعساء في المجتمع .إننا كالقنافذ يلتصق بعضنا ببعض طالبا للدفء إلا أن شدة الازدحام
تزعجنا ،ومع ذلك نحس التعاسة إذا تفرقنا ولكي يكون المرء سعيدا يجب أن يكون جاهلا ،وكما أن اللاهوت هو الملاذ من الموت
فكذلك الجنون ملاذ من الألم فالجنون – على حد تعبير < شوبنهاور > -طريق لتجنب تذكر العذاب .
ننتهي من هذا العرض إلا أن على الإنسان أن ينغمس انغماسا كليا في التفكير في الشر ،بل إن التفكير في الشر يجب أن يقودنا
إلى اتخاذ مواقف إيجابية .فكلما أدركنا للقلم يدفعنا إلى العمل لتحقيق العدالة فإن التفكير في الشر يجب أن يدفعنا لفعل الخير .
وإدراكنا للشر على أنه شر دليل على أننا نستطيع أن نثور عليه لنحقق المثل الأعلى والقيم الأخلاقية .وكذلك الأمر بالنسبة للموت
على اعتباره أنه شر الشرور .فالتفكير الدائم يجعل الإنسان يموت وهو على قيد الحياة ،إذا يحيله هذا التفكير إلى إنسان ينتظر
الموت ،ويعيش الموت باستمرار رغم أنه ما يزال على قيد الحياة :لذا يقول حديث نبوي شريف << :اعمل لدنياك كأنك تعيش
أبدا واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا >> .
الدرس :الأخلاق والاقتصاد السؤال :
هل يمكن اعتبار النظام الإسلامي مجرد محصلة للنظامين الاقتصاديين الرأسمالي والاشتراكي ؟
مقدمة :أن اختلاف الأنماط الاقتصادية عبر التاريخ هو انعكاس الاختلافات الاجتماعية و الثقافية ولكن بالرغم من ذلك يمكن
ملاحظة بعض القواسم المشتركة بينها ،كما هي الحالة بين الاقتصاد الإسلامي و الاقتصاديات المالية الرأسمالية و الاشتراكية
فهل يعني ذلك أن الاقتصاد الإسلامي مـــا هو ألا تأليف بين خصائص النظامين أو محصلة لهما ؟
التوسع :
القضية ( : )1يعتقد من الناس وحتى بعض المختصين أن الاقتصاد الإسلامي ما هو إلا مزيجا من النظامين الرأسمالي و
الاشتراكي معتبرين هذا يدل على مدى شموليته ومعتمدين على بعض الدلائل التي تعتبر في رأيهم براهين مقنعة من بينها
-----------------------Page 9 End-----------------------
11
ازدواجية الملكية في الاقتصاد الإسلامي تعتبر جمعا بين الملكية الفردية في الرأسمالية ،و الملكية الجماعية في الاشتراكية كما أنه
وقف موقفا وسطا بين تداخل الدولية من عدمه في الشؤون الاقتصادية لأنه لا يخضع لسلطة الحاكم المطلقة كما في الاقتصاد
الاشتراكي ،و لا يطلق الحرية التامة في الثروة الإنتاج كما في الاقتصاد الرأسمالي ،و بالاضافة إلى هذا فهو يجمع بين مادية
الرأسمالي التي بالغلو فيها ومثالية الاشتراكيين في تحقيق العدالة الاجتماعية ومحو الفوارق الطبقية التي عجزوا عنها .
مناقشة :لا يمكن إنكار هذه المقاربات ،ولكنها لا ترق إلى درجة البرهنة لأن الاقتصاد الإسلامي يتمتع بخصوصياته التي تعينه
على مثل هذه القرائن بالإضافة إلى أسبقيته الزمنية عنها .
نقيض القضية :إن الأسبقية الزمنية للاقتصاد الإسلامي تجعل من المستحيل أن يكون اخذ أحكامه من الاقتصاديات المادية فالسابق
لا يأخذ عن ا للاحق كما أن الاقتصاد الإسلامي لم يظهر كنتيجة لعوامل اجتماعية أو تغيرات ظرفية كما هو الحال عند الرأسمالية
التي كانت وليدة الثور الصناعية أو الاشتراكية التي كانت وليدة الثورة البلشفية 1111م.
أما الاقتصاد الإسلامي فمصدره الشرعة الإسلامية التي لا تتقيد بالزمان ولا المكان ،كما أنه يتمتع بخصائص ذاتية من بينها
ازدواجية الملكية التي تسمح بالتكامل بين المصلحة الفردية والجماعية ،لأن على الجماعة حقا للأفراد يتمثل في الزكاة والصدقات ،
وللأفراد حقا على الجماعة يتمثل في الاحترام والحماية باعتبار ملكيتهم هي الأساس الملكية الجماعية ،كما أن الاقتصاد الإسلامي
ما هو إلا وسيلة لتحقيق أهداف دينية ودنيوية لأنه يركز على عوامل ذاتية تتمثل في نفسية المسلم وأخلاقياته التي تدفعه إلى الالتزام
طواعية ،بمقتضيات الحياة المادية ،كتحريم الربا والغش والرشوة والحث على المال الحلال وإنفاقه وعدم تبذيره وكل هذه المعالم
تجعل من الاقتصاد الإسلامي نظاما مستقلا له كيانه الخاص .
مناقشة :ما يؤخذ على الاقتصاد الإسلامي هو صعوبة تطبيقية في حين تعتبر الاقتصاديات المالية مطبقة في الواقع فكيف نفسر
ذلك ؟
المركبة :
إن مثل هذا الطرح يدل على نظرة ضيقة وحكم مسبق يستند إلى خلفية معادية للإسلام كدين ،فمن الممكن إعادة بعث هذا الاقتصاد
في المجتمع ،وذلك بتهيئة الأرضية الاجتماعية وإدخال الإصلاحات المناسبة بداية من الأفراد مصداقا لقوله تعالى :
(( إن الله لا يغير بقوم حتى يغير ما بأنفسهم )) وبذلك يبقى الاقتصاد الإسلامي قادرا على طرح الحلول المناسبة لمختلف الأزمات
،على أن يتم ذلك بصورة مرحلية .
الخاتمة:
وبهذا يتضح أن أصالة الاقتصاد الإسلامي يستحيل معها أن يكون هذا النظام مجرد تأليف يجمع بين الاقتصاد الرأسمالي والاقتصاد
الاشتراكي .
الدرس :الأخلاق السؤال :هل يمكن إقامة الأخلاق على أساس العقل وحده؟
إن المذاهب الأخلاقية وجدت نتيجة محاولة الفلاسفة فهم وتفسير الأخلاق العملية أي السلوك اليومي للناس ولذلك فأول خلاف واجهته
هذه المذاهب هو أساس القيم الأخلاقية وقد تعددت المذاهب الأخلاقية تبعا لتعدد هذه الأسس والتي من أهمها العقل فهل يمكن اعتبار
العقل أساسا وحيدا للقيم الأخلاقية بمعنى أخر هل يمكن أن يجمع الناس كلهم على إن الأخلاق تبنى على العقل وحده
العقل أساس القيمة الأخلاقية:
التحليل:
يذهب بعض الفلاسفة ان العقل هو الذي يصنع القيم الأخلاقية وان القيم الأخلاقية تتمثل في الفضيلة حيث كان سقراط يقول ان العقل
مصدر الفضيلة والخير الاسمى الا ان هذا الموقف بعثه من جديد وبقوة الفيلسوف الالماني كانط الذي كان يرى ان العقل هوا ساس
القيم الاخلاقيةة وان هناك مبدا واحد يعتبره الناس خيرا وهو الارادة الحيرة (النية الطيبة)هي وحدها خيرا مطاقا وهي لا تقاس
بنتائجها وإنما بمبدئها الذاتي ومن ثم فالأوامر الأخلاقية نوعين1-الاوامر الشرطية ونعني بها القيام بالفعل لخير مطلوب (غاية)-
2الاوامر القطعية القيام بالفعل لغاية ذاتية الحق من اجل الحق.وهو وحده الفعل الاخلاقي مثل التاجر الذي يستقيم مع زبائنه يفعل ذلك
طبقا للواجب ولكنه بدافع المنفعة لا الواجب والإرادة الخيرة تعمل بدافع الواجب لاطبقا للواجب ولذا سميت أخلاق كانط بأخلاق
الواجب
نقد:يعاب على كانط أنها نظرية وصورية ولا تهتم إلا بالخلاق التي تتطابق مع أوامر العقل وتهمل الأخلاق النابعة من الشعور بينما
يتصرف الناس حسب شعورهم اكثر مما يتصرفون حسب عقولهم.
ليس العقل الأساس الوحيد للأخلاق:
لقد وجدت الكثير من الأسس الأخلاقية قبل كانط منها مبدأ اللذة الذي كان يعتبر في نظر ارستيب القوريناني هو الحير المطلق حيث
قال اللذة هي الخير الأعظم وهي مقياس القيم جميعا ثم عمل ابيقورعلى تطوير مذهب اللذة الى منفعة حيث كان يرى انه هناك لذة
افضل من لذةاخرى فاللذة العقلية افضل من اللذة الحسية ثم عمل بنتام تطوير مذهب المنفعة ووضع لها مقاييس
كما وجد فلاسفة الإسلام في الدين المبدا الملائم لإقامة الأخلاق لان العقل وحده لا يملك القدرة على التمييز بين الخير والشر كما ان
الواجبات كلها سمعية ودليلهم على ذلك اختلاف القيم باختلاف الديانات ويمكن إقامة الاختلاف على أسس أخرى كما فعل بعض
الفلاسفة الآخرون كأصحاب النزعة الاجتماعية المجتمع
نقد:لايمكن بناء الأخلاق على مبدا اللذة وحدها او المنفعة وحدها لان المنافع متعارضة مصائب قوم عند قوم فوائد كما ان الدين لم
-----------------------Page 10 End-----------------------
11
يوجد عند كل الشعوب.
اساس القيمة الاخلاقية ليس واحدا
لا يمكن ان نبني الأخلاق على مبدأ واحد حتى ولوكان العقل و الدين نظرا الى ان القيم الأخلاقية نسبية متغيرة عبر الزمان وامكان
وهي تابعة لشروط مختلفة تتحكم فيها فالمجتمع الإسلامي يتمسك بالدين اولا و بالعقل ثانيا كمبدأين أساسين في إقامة الأخلاق دون
إهمال المبادئ الأخرى
الخاتمة:معيار الفعل الأخلاقي ليس واحدا فقد تعددت مبادئ القيمة الأخلاقية بتعدد المذاهب الأخلاقية لكن الأخلاق الإسلامية تركيبية
شاملة لما تحتويه المذاهب الأخرى.
الدرس :الأخلاق و الاقتصاد السؤال :هل الدولة بحاجة إلى الأخلاق ؟
الطريقة الجدلية
المقدمة :إن الدولة في تنظيم أمورها وتدبير شؤونها ،تحتاج إلى هيئة تشرف على تسيير وتنظيم حياة الأفراد داخل إطار
اجتماعي .وهو ما يعرف بالسلطة الحاكمة و هي تعمل على وضع القوانين و تطلب من الأفراد الالتزام بها قصد تحقيق
المصلحة العامة .إلا أن هذه القوانين قد لا تقوى على ضبط العلاقات الاجتماعية ضبطا كاملا ،فتنظيم علاقة الفرد بالفرد
من جهة و علاقة الفرد بالجماعة من جهة أخرى يجعل للأخلاق مكانة ودورا في التنظيم السياسي ،فهل الدولة تحتاج
الأخلاق في نظام حكمها أم يكفيها ممارسة العمل السياسي ؟ بمعنى أخر هل يكفي ممارسة السياسة في الحكم دون ما
حاجة إلى الأخلاق ؟
التحليل :
الدولة في غنى عن الأخلاق :
إن الأنظمة الفردية التي سادت قديما لم تعر أدنى اهتمام بالجانب الأخلاقي في الحكم .بل اهتمت كثير بالقوة ،ولعل ذلك يظهر
بوضوح في نظرية العقد الاجتماعي عند (هوبز) ،ونظرية القوة و الغلبة عند (ابن خلدون) في وصفه لكيفية قيام الدول وسقوطها ،
ألا أن ما ذهب إليه المفكر الإيطالي (ماكيافللي) ( )9251-9641يبعد الأخلاق عن الدولة كونه يعتبر أن القوة المحركة للتاريخ هي
المصلحة المادية والسلطة ويرى في مؤلفة الرئيسي" الأمير" إن الدولة التي تقوم على الأخلاق والدين تنهار بسرعة ،فالمهم بالنسبة
للحاكم هو تحقيق الغاية المنشودة وهي قوة الدولة وسيطرتها بأية وسيلة كانت " الغاية تبرر الوسيلة " حيث كان يعتبر من المسموح
به استخدام كل الوسائل في الصراع السياسي مبررا بذلك القسوة و الوحشية في صراع الحكام على السلطة .كما يرى أن فساد الدولة
وتدهور العمل السياسي يعو إلى تدخل الأخلاق لكن التاريخ يشهد أن مجمل الأنظمة التي قامت على القوة واللاأخلاق
و تخلت عن الأخلاق و تحقيق القيم في الحكم كانت نهايتها الفشل .والدين لذلك يفص ُل ُُُ ُُ ُُ بين السياسة والأخلاق.
-----------------------Page 11 End-----------------------
12
الدولة بحاجة إلى الأخلاق :
لقد أمن بعض الفلاسفة منذ القديم بضرورة إدخال الأخلاق في العمل السياسي ،فقد نظر (أرسطو) إلى علم الأخلاق على أنه علم
عملي هدفه تنظيم الحياة الإنسانية بتحديد ما يجب فعله وما يجب تركه وهذا لا يتحقق إلا بمساندة القائمين على زمام الحكم باعتبار
أن كثيرا من الناس لا يتجنبون الشر إلا خوفا من العقاب .
ولذلك فقد حدد (أرسطو) غاية الإنسان من الحياة في مستهل كتابه ":الأخلاق إلى نيقوماخوس" على أنها تحقيق "الخير الأعظم"
وبدون معرفته و الوقوف عليه لا نستطيع أن نوجه الحياة.
بينما في العصر الحديث ربط (ايمانويل كانط) ( )9086-9156فيلسوف ألماني السياسة بالأخلاق ربطا محكما .وبين على
عكس (ماكيافيللي) أن الغاية من وجود الدولة هو مساعدة الإنسان و تحسين ظروف حياته وجعل من السياسة وسيلة لتحقيق غايتها
وهي خدمة الفرد حيث يقول " :يجب أن يحاط كل إنسان بالاحترام التام كونه غاية مطلقة في ذاته"
و قد عمل كانط من خلال كتابه "مشروع السلام الدائم" على أن الحياة السياسية داخل المجتمع الواحد وخارجه يجب أن تقوم
على العدل والمساواة .وقد كان لكتابه تأثيرا على الأنظمة الحاكمة في أوروبا ـ وقد جاء في المادة الأولى من لائحة حقوق الإنسان:
"يولد الناس جمعا أحرار متساوين في الكرامة والحقوق . "....
وهي قيم أخلاقية يعمل المجتمع الدولي على تحقيقها .
لكن الحياة الواقعية التي يعيشها الإنسان وتعيشها الدول لا تقوم على مبادئ ثابتة بل ممتلئة بالحالات الخاصة التي لا تجعل الإنسان
يرقى إلى هذه المرتبة من الكمال التي يعامل فيها أخيه الإنسان على أنه غاية في ذاته.
الدولة تعتمد على السياسة وتحتاج إلى الأخلاق :
الإنسان مدني بالطبع ،كان لابد أن يعيش الإنسان في جماعة ،وأن تكون له مع هذه الجماعة مقتضيات الحياة السعيدة ومن هنا
كان قيام المجتمع بحاجة إلى السياسة لتضع نوع الحكم الملائم له وبحاجة إلى الأخلاق لتنظيم علاقة الفرد بجماعته وبغيره من
الأفراد.
الخاتمة :إن الدولة في حاجة ماسة إلى الأخلاق ،وحتى الدول العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة تتبنى الكثير من القواعد
الأخلاقية في أنظمة حكمها ،فالأخلاق ما هي إلا قانونا في جانبه العملي .
السؤال :أيهما أجدر بتحقيق العدالة :الأخلاق أم القانون ؟
إذا كان القانون جملة من القواعد العملية المفروضة على الإنسان من الخارج لتنظيم شؤون حياته والأخلاق إلزام داخلي يأمر وينهي
في مجال الخير والشر فكلاهما يهتم بالإنسان ولكن من زاويتين مختلفتين لهذا يطرح السؤال أيهما أجدر بالعدالة الاجتماعية ؟
التحليل:
القضية:1يرى أنصار الاتجاه السياسي أن القوانين هي التي تحقق العدالة الاجتماعية لان القانون هو الحارس الأمين للنظام
الاجتماعي والموجه للسلوك الأفراد والمنظم لعلاقاتهم لدرجة أن الحياة الاجتماعية لا تستقيم بدونه يقول مونتيسكو ليس هناك من ظلم
أو عدل إلا ما تأمر به أو تنهي عنه القوانين الوضعية .ويقول شوبنهاور الأخلاق من صنع الضعفاء حتي يقوا أنفسهم من شر
الأقوياء.
وحجتهم في ذالك أن الطبيعة شريرة وبالتالي لا يمكن قيا م العدالة الاجتماعية على الأخلاق
نقد :أصحاب هذا الاتجاه أهملوا الجانب الخير في الإنسان ونظرتهم تشاؤمية إذ أن القوانين كثيرا ما تكون جائرة كما انه في مقدرة
الإنسان الإفلات منها وتجاوزها.
النقيض :يرى أصحاب الاتجاه الأخلاقي أن الضمير الخلقي كإلزام داخلي جدير بتحقيق العدالة الاجتماعية لأنه يتابع صاحبه أينما
حل يقول برغسون( الأخلاق من ابتكار الأبطال لفائدة الإنسانية جمعاء.
يقول كانط شيئان يملآن إعجابي سماء مرصعة بالنجوم وضمير يملأ قلبي.يقول انجلز الأخلاق من صنع الأقوياء
وحجتهم في ذالك أن القانون لا يستطيع مراقبة الفرد وبالتالي يمكنه الإفلات منه ولكنه لا يستطيع الإفلات من ضمير بالإضافة إلى
أن طبيعة الإنسان خيرة.
نقد:
لكن هناك من يتميز بضعف الضمير وبنيه مريضة وبالتالي لا ينبغي تركهم وشأنهم كما أن بناء العدالة على الأخلاق معناه إخضاعها
للعاطفة والعاطفة متقلبة ومتغيرة.
التركيب :وعليه فالعدالة الاجتماعية تتحقق بالجمع بين القانون والأخلاق لا يمكن قيامها بأحدهما دون الآخر أن قيام العدل يقتضي
مقالات فلسفية شعبة اداب وفلسفة 2018 الجزء الاول
بواسطة kamel
في
12.9.17
تقييم:

ليست هناك تعليقات: